الثقة والاطمئنان بالله.. من أين تنبع؟
ليس من شك أن القيم التي يؤمن بها الانسان في حياته، والتي تتحول أحياناً إلى رسالة في حياة الانسان يضحي في سبيلها.. تلهم الانسان كثيراً من العزم والقوة والتضحية، كما أن الإيمان بالله يلهم الانسان هذا العزم والقوة.
وتنبع هذه العزيمة والقوة من نفس الانسان، حيث يتحول هذا الإيمان والعقيدة إلى اتجاه وهدف وقوة في كلتا الحالتين:
لكن الفرق بين الحالة الأولى والحالة الثانية، أي الإيمان بالقيم والإيمان بالله، أن الانسان في الحالة الاولى يتعامل مع أصنام من المفاهيم الميتة لا تملك حولاً ولا قوة، ولا يؤمن الانسان في هذه الحالة أنها تمده بقوة أو سلطان، ولا يثق بأمداده وتعزيزه، خلال المعترك الطويل الذي يخوضه في سبيل العقيدة.
بينما يعتقد الانسان المؤمن بالله أنه يعبد إلهاً، حياً، قديراً، قوياً، رحيماً، لا حد لقدرته وقوته وسلطانه ورحمته، ويثق بامداده وتعزيزه للمؤمنين به خلال معترك الحياة، ويؤمن خلال أزمات المعركة ومتاعب الحياة أنه مرتبط بمعين لا ينضب من الرحمة وقوة وسلطان لا يقهر.
وهذا الشعور يخلق لدى الانسان المؤمن كثيراً من الثقة والاطمئنان، ويسنده ويربط على قلبه حتى في أحرج الأوقات وأشدها، ويوحي إليه أن من ورائه دعماً وتأييداً إلهياً قوياً، لا يقاومه العدو.
وهذا الشعور، في حد نفسه، من أهم مقومات النصر، كما أن فقدان هذا الشعور يعتبر من أهم أسباب التخاذل والهزيمة.
ولا يختلف الأمر في ساحات الحياة ومعترك الحياة الكبير عن ساحات الحرب والقتال. فلكي يقاوم الانسان عوامل الفشل وأسباب الهزيمة النفسية في خضم مسائل الحياة.. لابد أن يتمتع بقدرٍ كبيرٍ من الثقة والإيمان بالمدد الغيبي.
وفي غير هذه الحالة يعود الانسان في كثير من الأحيان مهزوماً أمام مشاكل الحياة ومتاعبها الكثيرة، عندما يجد أن عدّته المادية لا تكفي لمواجهة هذه المشاكل.
وليس من العسير علينا أن نجد في التاريخ رجالاً أشداء معروفين بقوة الشخصية وبالاعتداد بالنفس التجأوا إلى الانتحار حينما وجدوا أن امكاناتهم المادية قاصرة عن مواجهة تحديات المعركة.
ولا نريد بالطبع أن نقول هنا أن التوكل على الله والاعتماد على المدد الغيبي يكفي لكسب المعركة في ميادين الوغى والحياة، دون أن يعد الانسان المؤمن للمعركة عدتها اللازمة والتخطيط الكافي لمواجهة تحديات المعركة. فليس من شك أن الاعتماد على المدد الغيبي فقط دون الإعداد لخوض المعركة لا يكفي لإحراز النصر.
ولكن الذي يهمنا في هذا الصدد أن الإيمان بهذا المدد الغيبي والثقة بالله يمد الانسان في ساحات المعركة بكثير من القوة والعزم والصلابة، التي تعتبر من دون ريب، من أهم العوامل النفسية لإحراز النصر، إلى جانب العوامل المادية الأخرى لخوض المعركة والخروج منها بالنصر.